سارة المدني سيدة أعمال إماراتية من الموضة للتكنولوجيا

لماذا نحن هنا؟ يبدو سؤالا وجوديا لا إجابة له، نسأله أحيانا لأنفسنا في يأس أو على سبيل السخرية، ولكن سارة المدني سيدة الأعمال الإماراتية أرادت أن تفهم نفسها وتعي أهمية وجودها في الحياة، فقررت في ظل شهرتها كواحدة من أهم مصممي الأزياء في الإمارات وصاحبة علامة تجارية عالمية، أن تنعزل وتكتشف بنفسها ما الهدف الذي يمكن أن تكون خُلقت من أجله؟ وكيف يجعلها ذلك شخصا ملهما؟

حياة سارة المدني 

 

 

تعرّف سارة المدني نفسها على أنها رائدة أعمال متمردة تحب السفر، كما أنها مواطنة عالمية مهتمة بالاستثمار ومتحدثة في فعاليات عامة لديها روح القيادة، غير أنها بالفعل صاحبة شخصية متفردة استطاعت أن تتميز عن ما هو سائد وتصنع منه أسلوب حياة قادر على أن يلهم كثيرين، ومع ذلك ترى نفسها فتاة عادية عملت فقط بجد وإخلاص لتصل إلى ما جعلها ضمن أهم 50 شخصية ملهمة في اليوبيل الذهبي للإمارات.

ولدت سارة المدني في الشارقة في الإمارات العربية المتحدة، في أسرة متوسطة الحال تهتم أن يحصل الأبناء على مستوى تعليمي عالي "كنت غريبة عن عائلتي، لأنه مش بعمل ماجيستير أو أكون دكتور"، كونها من البداية كانت تمتلك نظرة مختلفة، وطموحا متعلقا بأن تدير تجارة وعمل خاص بها تصنع منه المال بنفسها.

وفي آخر سنوات دراستها الثانوية ومع انتقالها إلى الجامعة، وكان عمرها لم يتخطَ الـ 15 عاما، قررت دخول مجال الموضة وتصميم الأزياء "كان هدفي أغير الطريقة اللي المرأة الإماراتية بتلبس فيها العبايات"، وبدأت بافتتاح العلامة التجارية الخاصة بها باسم Rouge Couture عام 2002، والتي صارت فيما بعد "سارة المدني لتصميم الأزياء".

"6 شهور أحاول أقنع الناس" كانت سارة المدني- وقتها- حريصة على أن تقدم العبايات السوداء، التي تعتبر زي المرأة الإماراتية والخليجية المميز، ولكن بطريقة جريئة ومتمردة تختلف عن السائد، مما جعل رواج ما تقدمه صعبا في البداية، واحتاج إلى وقت لتتقبله الفتيات والسيدات.

كان هدفها أن تصمم عبايات حتى تغير الطريقة التي تلبس بها النساء، فحرصت على أن تكون تصميماتها "شبيهة الإمارات، متمسكة بالعادات التقاليد وفي نفس الوقت متحررة، وده اللي يغير الإمارات عن كل الدول"، اعتبرت سارة المدني أن تصميماتها للعبايات تعتمد على الاحتشام والتمرد وتناسب السيدات الجريئات اللاتي لا تخشين الظهور والتجربة، رافضة فكرة أن تتخفى السيدات تحتها "يعني تخلي المرأة تبرز شخصيتها وتبين سعيدة مع عاداتها وتقاليدها، مش متخبية في عاداتها وتقاليدها".

رغم اهتمامها بتصميم الأزياء، قادها فضولها بالسينا لدراسة الإخراج في مدرسة الشارقة الأمريكية الدولية، وحصلت سارة المدني منها على درجة البكالوريوس عام 2003، وفي نفس الوقت، كانت تدير البيزنس الخاص بها بحرص بالغ، والذي سعت قبل أن تؤسسه إلى جمع أمواله بنفسها، فعملت لفترات في مجال التسويق وكعارضة أزياء، دون علم والديها، ولكنها في النهاية استطاعت أن تفتتح محلها الخاص لبيع العبايات بتصاميم متفردة.

تمتلك سارة المدني خبرة ممتدة في مجال الأزياء والموضة تمتد لأكثر من 19 عاما، كانت تحرص على أن تستلهم تصميمات العبايات من تفاعلها مع الطبيعة، وفي واحدة من تشكيلاتها كانت الحياة البرية هي محور المجموعة، كما تمكنت من خلال التمسك بالعباية كزي عربي خليجي  والتوقف عن محاولة تقليد الغرب أنن تحترق عالم الموضة والأزياء العالمي، فعرضت في دور عرض بمختلف أنحاء العالم، كما كان لها حضور في أسبوع الموضة في لندن، وأسبوع الموضة في باريس.

سارة المدني سيدة أعمال

 

 

في كل تصميم قدمته سارة المدني، كانت تحرص على أن يحمل جزءا منها "شخصيتي باينة في تصميم العبايات، وكبرت مع البراند، اي تغيرات حصلت في شخصيتي ظهرت في التصميمات"، فكانت دوما ما تصر على أن تحمل أعمالها طابع الجرأة والتمرد والاختلاف، مع الاهتمام بالتفاصيل وتحقيق جودة عالية، واكتسبت خبرة طويلة على مدار سنوات عملها.

مرت سارة المدني بتحولات عدة في مشوارها المهني، تتذكر كيف كانت على وشك الإفلاس في عام 2013، وفشلت في إدارة متاجرها التي كانت منتشرة داخل الإمارات وخارجها، وقررت أن تكتفي بواحد منها وتغلق الباقي، كما أن مشوارها كان محفوفا دايما بالتساؤلات المستمرة والرغبة الشديدة في التجربة.

مع حلول عام 2017، أرادت سارة المدني أن تمتلك دافعا أكبر تجاه ما تقوم به، وأن تكتشف نفسها وتتعرف على هدفها في الحياة، فانعزلت عن المجتمع في رحلات مختلفة، وقررت أن تبتعد لفترة عن عملها حتى يمكنها الوصول لإجابات عن تساؤلاتها "خدت 4 سنين حتى أفهم نفسي، وأعرف هدفي، وكان أصعب تحدي مريت فيه".

وفي ظل بحثها، كانت تشترك وتعمل على المساهمة في مجال البيزنس والموضة والتكنولوجسا أيضا، فعملت على تأسيس والمساهمة في تأسيس أكثر من شركة في مجالات متنوعة، وبخلاف مشروعها في تصميم الأزياء، عملت على تأسيس شركة Social Fish عام 2017، كما أطلقت مطعم شبربوش في دبي عام 2016، غير أنه تم اختيارها عام 2013 كسفيرة لمستحضرات العلامة التجارية الإسبانية "ناتورا بيسيه" للعناية بالبشرة، وكذلك سفيرة للعلامة التجارية "بايرسدورف" عام 2014.

تم اختيارها عام 2014 لتكون أصغر عضو في غرفة تجارة وصناعة الشارقة، وعُينت عضو في مجلس إدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة التابع لوزارة الاقتصاد الإماراتية، كما كانت عضو في مبادرة التميز الاقتصادي في الشارقة، وأسست شركة ترفيهية تكنولوجية عام 2020 باسم Halahi وهي معنية بتقريب المسافات بين المشاهير ومعجبيهم.

ومؤخرا، بعد أت علمت بسيطرة الذكور على عالم التكنولوجيا، قررت أن تخوض المجال بافتتاح شركة في الولايات المتحدة الأمريكية لتصنيع الروبوتات لأفلام هوليوود، على ألا يكون هدف الشركة هو التخلي عن الأفراد ولكن بتوضيح أهميتهم مهما تطورت التكنولوجيا.

تعتبر قصة سارة المدني مصدر إلهام لفتيات وسيدات خليجيات وعربيات، وهو ما جعلها واحدة من بين أهم المتحدثين في فعاليات عالمية مختلفة، واستطاعت أن تشارك في أكثر من 183 حدثا ما بين عام 2016 وحتى عام 2019، وتركز في كلماتها على ضرورة أن ترفض النساء ذكورية المجتمع وتستسلم للضعف أو العقبات، وتعمل على صناعة طريقها بنفسه  وتتمرد على ما لا يناسبها.

تزوجت سارة المدني عام 2019 من رجل أعمال يُدعى مصطفى الخواجة، وانجبت منه طفلها الوحيد، ولكن انتهى الأمر بالانفصال، وصارت أما عزباء، موضحة أن قوة شخصيتها يمكنها أن تكون أحد أسباب طلاقها "الرجال بيخافوا من الست القوية اللي بتعتمد على نفسها وتقوم بنفسها".

حصلت سارة المدني على عدد من الجوائز والتكريمات، منها: جائزة القيادات النسائية الخليجية الملهمة، وجائزة رائدة الأعمال الإماراتية عام 2012، وجائزة المصمم الشاب عام 2012، وجائزة تقديرية للإبداع في صناعة الأزياء عام 2013، وجائزة أفضل مؤثر في النظام البيئي لعام 2017، وجائزة الشرق الأوسط للقيادة النسائية عام 2018، وجائزة البجعة السوداء لتكريم المرأة عم 2019.